فهمه على الوجه الصحيح، ولهذا قال سبحانه عن المشركين: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 148].

فهم أثبتوا المشيئة لله لكنهم احتجوا بها على الشرك، ثم بين سبحانه أن هذا هو شأن من كان قبلهم، كما في قوله: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَذِين مِن قَبْلِهِمْ} [الأنعام: 148] وكانت العرب في الجاهلية تعرف القدر ولا تنكره، ولم يكن هناك من يرى أن الأمر مستأنف، وهذا ما نجده مثبوتًا في أشعارهم، كما في قول عنترة (?):

يا عبل أين من النية مهربي ... إن كان ربي في السماء قضاها؟! (?)

وكما في قول طرفة (?):

فلو شاء ربي كنت قيس بن خالد (?) ... ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد (?)

وقول لبيد (?):

صادفن منها غرة فأصبنها ... إن المنايا لا تطيش سهامها (?)

خامسًا العقل: أما دلالة العقل فهي: أن العقل الصحيح يقطع أن الله هو خالق هذا الكون، ومدبره، ومالكه، ولا يمكن أن يوجد على هذا النظام البديع والتناسق المتآلف، والارتباط الملتحم بين الأسباب والمسببات هكذا صدفه, إذ الموجود صدفه ليس له نظام في أصل وجوده، فكيف يكون منتظمًا حال بقائه وتطوره؟ فإذا تقرر عقلاً أن الله هو الخالق لزم ألا يقع شيء في ملكه إلا وقد شاءه وقدره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015