خَالِدُونَ} [البقرة: 81] ولا يكون المرء كذلك إلا إذا كان كافرًا مشركًا، يقول صديق حسن خان (?): (المراد بالسيئة هنا الجنس، ولا بد أن يكون سببها محيطًا به من جميع جوانبه، فلا تبقى له حسنة، وسدت عليه مسالك النجاة، والخلود في النار هو للكفار والمشركين، فيتعين تفسير السيئة والخطيئة في هذه الآية بالكفر والشرك وبهذا يبطل تشبث المعتزلة والخوارج، لما ثبت في السنة متواترًا من خروج عصاة الموحدين من النار) (?).
ولما كانت الخطايا والذنوب تحيط بالكافر إحاطة السوار بالمعصم, فإن الجزاء من جنس العمل، ولذا فإن النار تحيط بالكفار من كل جهة، كما قال تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: 41] والمهاد ما يكون من تحتهم، والغواش جمع غاشية وهي التي تغشاهم من فوقهم، والمراد أن النيران تحيط بهم من فوقهم ومن تحتهم، قال تعالى: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [العنكبوت: 55] وقال في موضع آخر: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر: 16] وقد صرح بالإحاطة في موضع آخر: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة: 49] وقد فسر بعض السلف المهاد بالفراش، والغواش باللحف (?).
وتأتي الإحاطة من ناحية أخرى، وذلك أن للنار سُورًا يحيط بالكفار، فلا يستطيع الكفار مغادرتها أو الخروج منها، كما قال تعالى:
{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29] وسرادق النار سورها وحائطها الذي يحيط بها (?).