المبحث الثالث موقف المسلمين

أما هذه الأمة المسلمة فقولها في هذا الباب هو ما جاء به المرسلون من توحيد الله وإفراده بالعبادة، فآمنت بأنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا إله غيره، ولا رب سواه، هو رب العالمين، وخالق الكون، ومدبره: {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54] ونزهوه سبحانه عن الأنداد، واتخاذ الصاحبة والأولاد، تصديقًا لقوله تعالى عن نفسه: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون: 91]، وقالوا كما قال مؤمنو الجن: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} [الجن: 3] وقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص].

ووصفوه سبحانه بصفات الكمال والجلال، ونزهوه عن جميع صفات النقص، كما نزهوه عن أن يماثله شيء من المخلوقات في شيء من الصفات ... ) (?) ولم يصفوه إلا بما وصف به نفسه سبحانه، أو وصفته به رسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، من غير تعطيل ولا تمثيل فلم يشبهوه بشيء من خلقه لا في ذاته ولا في صفاته -كما فعل اليهود- بل قالوا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. ولم يشبهوا شيئًا من خلقه به، لا في ذاته ولا في شيء من صفاته، ولم يجعلوا له نظيرًا أو ندًّا أو مثيلاً أو شريكًا في شيء من خصائص ألوهيته وربوبيته -كما صنع النصارى- بل نزهوه سبحانه عن الشبيه والنظير والكفء والند والمثيل (?).

وإذا تأملت سورة الإخلاص وجدت بها صفات الكمال لله سبحانه وتعالى وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015