الفصل الأول
القرآن يقرر منهج الوسطية
تمهيد:
نزل القرآن الكريم هداية للناس ونورا، يخرج به الله من شاء من الظلمات إلى النور، ولزوم منهج الوسطية عين الاستقامة والهداية والصراط المستقيم، ولذلك فقد جاءت الآيات مستفيضة ترسم منهج الوسطية وتدل عليه. والوسطية منهج متكامل شامل غير محصور في ركن من الأركان، لا في جزئية من الجزئيات ولا في حكم من الأحكام، ولا في أصل من الأصول، فالإسلام كله وسط، وهذه الأمة هي أمة الوسط (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) [البقرة: 143].
ولذلك جاء القرآن مقررًا لمنهج الوسطية في أبواب الاعتماد والعبادات والحكم والتحاكم، وفي باب الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها من الأبواب والمجالات وبيانا لهذه الحقيقة وتجلية لها، سنعيش مع كتاب الله متأملين بعض ما ورد فيه، تأكيدًا لهذه الحقيقة وتأصيلا لها، وقبل أن أشرع في الهدف المطلوب، ومعنى المنهج في اللغة وفي الاصطلاح، سأقف مع فاتحة الكتاب حيث إنها من أولها إلى آخرها تقرر هذه الحقيقة وتؤكدها.