وقال سبحانه: (وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ) [الروم: 60]، ولا شك أن الإنسان قد خلق من عجل: (خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ) [الأنبياء: 37]، ولكنه بحمد الله إذا امتثل أمر الله وترك نهيه حسنت أخلاقه وطبائعه.
والعجلة لها أسباب ينبغي اجتنابها، منها: عدم النظر في العواقب وسنن الله في الكون، ومنها: الشيطان عدو الإنسان، وأساس العجلة من الشيطان، لأنه الحامل عليها بوسوسته، فيمنع من التثبت والنظر في العواقب، فيقع المستعجل في المعاطب والفشل (?)، ولذلك قيل:
يا صاحبي تلوما لا تعجلا ... إن النجاح رهين أن لا تعجلا
وقال عمرو بن العاص -رضي الله عنه-: (لا يزال الرجل يجني من ثمرة العجلة الندامة) (?).
وينبغي أن يعلم أن العجلة المذمومة ما كانت في غير طاعة، ومع عدم التثبت وعدم خوف الفوت، ولهذا قيل لبعض السلف: لا تعجلن فالعجلة من الشيطان، فقال: لو كان كذلك لما قال موسى: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) [طه: 84].
والخلاصة: أنه يستثني من العجلة ما لا شبهة في خيرته، قال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) [الأنبياء: 90]، وعن سعد بن أبي وقاص (?) -رضي الله عنه- قال الأعمش (?): ولا أعلمه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "التؤدة (?) في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة" (?).
وبهذا يعلم أن الأناة في كل شيء محمودة وخير إلا ما كان من أمر الآخرة بشرط مراعاة الضوابط التي شرعها الله حتى تكون المسارعة مما يحبه الله تعالى. وبهذا ينتهي الركن الثالث من أركان الحكمة التي هي من أهم ملامح الوسطية.