وعن أسامة بن زيد (?) -رضي الله عنهما- قال: "بعثنا رسول الله إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبحنا القوم فهزمناهم، قال ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، قال فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، قال فكف عنه الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فقال لي: "يا أسامة، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله"، قال: قلت يا رسول الله، إنما كان متعوذا، قال: فقال: "أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله"، قال فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم" (?).

وفي رواية قال: قلت يا رسول الله: إنما قالها خوفا من السلاح قال: "أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟ " فما زال يكررها حتى تمنيت اني أسلمت يومئذ (?). ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أعظم الناس أناة وتثبتا، فكان لا يقاتل أحدًا من الكفار إلا بعد التأكد بأنهم لا يقيمون شعائر الإسلام، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا غزا بنا قوما لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر، فإن سمع أذانا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانا أغار عليهم ... " (?).

وكان -صلى الله عليه وسلم- يعلم ويربي أصحابه على الأناة والتثبت في دعوتهم إلى الله تعالى ومن ذلك أنه كان يأمر أمير سيرته أن يدعو عدوه قبل القتال إلى إحدى ثلاث خصال:

1 - الإسلام والهجرة، أو إلى الإسلام دون الهجرة، ويكونون كأعراب المسلمين.

2 - فإن أبوا الإسلام دعاهم إلى بذل الجزية.

3 - فإن امتنعوا عن ذلك كله استعان بالله وقاتلهم (?).

ومن تربيته لأصحابه -صلى الله عليه وسلم- على الأناة وعدم العجلة قوله: "إذا أقيمت الصلاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015