وزادهم ثقة بصدقه أن كان أول الناس إيمانا به واهتداء بنبوته أعلمهم بدخيلة أمره وأولهم: زوجته خديجة المشهورة بالعقل والنبل والفضيلة، ومولاه زيد بن حارثة الذى اختار أن يكون عبدا له على أن يلحق بوالده وأهل بيته ويكون معهم حرا، ثم إن كان الذين آمنوا به من أعظم العرب حرية واستقلالا فى الرأى ولا سيما أبى بكر وعمر (?).
فأما المؤمنون بالله وملائكته، وبأن للبشر أرواحا خالدة من هؤلاء الإفرنج فقد آمنوا بنبوة محمد صلّى الله عليه وسلم على علم وبرهان، وهم يزيدون عاما بعد عام، بقدر ما يتاح لهم من العلم بالإسلام، وأما الماديون فلم يكن لهم بد من تفسير لهذه الحادثة أو الظاهرة التى لا ريب فيها صحّتها وثبوتها، وتصويرها بالصورة العلمية التى يقبلها العقل، الذى لا يؤمن صاحبه بما وراء المادة أو الطبيعة من عالم الغيب.
قدحوا زناد الفكر، واستوروا به نظريات الفلسفة، فلاح لهم منه سقط أبصروا فى ضوئه الضئيل الصورة الخيالية التى أجملها الأستاذ «مونتيه» فى عبارته التى نقلناها عنه آنفا، وفصلها «أميل درمنغام» وغيره بما نشرحه هاهنا (فى الفصل الثالث من هذا الكتاب).
...