الوحي المحمدي (صفحة 231)

أربع، وأن من خاف على نفسه أن لا يعدل بين اثنتين وجب عليه الاقتصار على واحدة، وإنما أباح الزيادة لمحتاجها القادر على النفقة والإحصان لأنها قد تكون ضرورة من ضرورات الاجتماع فى أحوال. منها: أن تكون الأولى عقيما أو تدخل فى سن اليأس من الحمل. أو تكون ذات مرض مانع منه، أو من إحصان الرجل، وقد يكون التعدد من

مصالح النساء خاصة إذا كثرن فى أمة أو قبيلة كما يكون فى أعقاب الحروب، أو هجرة كثير من الرجال لأجل الكسب.

وناهيك بأمة تحرم شريعتها الزنا وتعاقب عليه، فهل من مصلحة النساء أو الإنسانية أن تبقى النساء الزائدات على عدد الرجال محرومات من الحياة الزوجية وحصانتها، وكفالة الأزواج، ومن نعمة الأمومة؟ وهل من المصلحة أو المنفعة العامة أو الخاصة أن يباح لهن الزنا وما يترتب عليه من المصائب البدنية والاجتماعية التى نراهن مرهقات برجسها فى بلاد الإفرنج والبلاد التى ابتليت بسيطرتهم عليها أو تقليدها لهم؟.

وقد فصلنا ذلك فى تفسير آية التعدد من سورة النساء، ثم زدنا عليه فى كتاب «حقوق النساء فى الإسلام» ما هو مقنع لكل عاقل منصف بأن ما شرعه الإسلام فى التعدد هو عين الحق والعدل ومصلحة البشر كافة والنساء خاصة، فهو قد أباح ذلك بشرطه الشديد ولم يوجبه، وهن فى شريعته مخيرات فى قبول العقد على رجل متزوج وعدمه، بل تجيز الشريعة للمرأة أن تشترط فى عقد نكاحها جعل عصمتها بيدها لتطلق نفسها إذا شاءت بناء على ما ذهب إليه بعض أئمة الفقه فى صحة كل شرط يتعاقد عليه الناس غير مخالف لنص قطعى فى الكتاب والسنة ولا سيما شروط الزوجية عملا بحديث: «أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج». رواه البخارى فى مواضع من صحيحه وأصحاب السنن.

9 - الطلاق قد يكون ضرورة من ضروريات الحياة الزوجية إذا تعدل على الزوجين القيام بحقوق الزوجية من إقامة حدود الله، وحقوق الإحصان والنفقة والمعاشرة بالمعروف، وكان مشروعا عند أهل الكتاب والوثنيين من العرب وغيرهم، وكان يقع النساء منه وفيه ظلم كثير وغبن يشق احتماله فجاء الإسلام فيه بالإصلاح الذى لم يسبقه إليه شرع ولم يلحقه بمثله قانون، وكان الإفرنج يحرمونه ويعيبون الإسلام به، ثم اضطروا إلى إباحته، فأسرفوا فيه إسرافا منذرا بفوضى الحياة الزوجية وانحلال روابط الأسرة والعشيرة، ومما نقلته الصحف من أسباب حكم القضاة بالطلاق عندهم مسائل شعر رأس المرأة ووجه الرجل فى إرساله أو قصه وحلقه وشكوى المرأة من اشتغال الرجل عنها بمطالعته الكتاب أو الصحف فى الدار،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015