المرتبة الثانية: القواعد المذهبية التي تختص بمذهب دون مذهب أو يعمل بمضمونها بعض الفقهاء دون الآخرين مع شمولها وسعة استيعابها لكثير من مسائل الفقه من أبواب مختلفة.
وهذه تعتبر من أسباب اختلاف الفقهاء من إصدار الأحكام تبعاً لاختلاف النظرة في مجال تعليل الأحكام.
ومن أمثلة هذه المرتبة: قاعدة: (لا حجة مع الاحتمال الناشئ عن دليل) . وأساسها قولهم: (إن التهمة إذا تطرقت إلى فعل الفاعل حكم بفساد فعله) . وهذه القاعدة يعمل بها الحنفية والحنابلة دون الشافعية، وقد يعمل بها المالكية ضمن قيود، ومنها عند الحنفية: (الأصل أن جواز البيع يتبع الضمان) .
وأما عند الشافعي: (فإن جواز البيع يتبع الطهارة) . ويأتي بيان ذلك في موضعه إن شاء الله.
مسألة: رأينا أن القواعد ذوات المجال الضيق (أي التي تختص بباب أو جزء باب) هي ضوابط إذ مجالها التطبيقي بعض الفروع الفقهية من باب واحد من أبواب الفقه، أو هي تختص بنوع من الأحكام الفرعية لا يعمم في غير مجاله.
ومثال الضابط: (إن المحرم إذا أخر النسك عن الوقت الموقت له أو قدَّمه لزمه دم) .
وهذا الضابط عند أبي حنيفة رحمه الله، وخالفه في ذلك الفقهاء الآخرون ومنهم تلميذاه أبو يوسف ومحمد بن الحسن.
فما الفروق بين القاعدة والضابط؟
مع أن الفقهاء كثيراً ما يستعملون لفظ (القاعدة) ويعنون بها الضابط،