"كان يقبل أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ" (?).
وغير ذلك من الأمثلة الكثيرة التي اختلف فيها الفقهاء بسبب اختلافهم في حجية الحديث المرسل وليس بسبب آخر.
الواقع أن علم الأصول ساهم مساهمة بناءة في القضاء على أسباب الاختلاف الباطلة التي لا تقوم على أساس، ولا تنسجم مع هدف المشرع، أو مقاصد الشريعة، ولا توافق الإيمان بأصول الدين وأركانه، ولذا فقد وفع علم الأصول حدًّا للترهات، وكان سلاحًا في وجه من تسول له نفسه الولوج إلى شريعة الله ليحرف فيها، أو يغير في أصولها، أو يدس فيها ما ليس منها، أو يحاول هدم وبذر الشقاق والخلاف الشخصي فيها (?)، وكان علم أصول الفقه حجر عثرة في وجه الطامعين في الإساءة إلى كتاب الله وسنة نبيه، فكانت قواعد الأصول وضوابطه ميزانًا لسبر الأحكام والآراء والاختلافات، بل كانت مساعدًا للحكم على الرجال والعاملين في هذا المضمار، لتمييز الخبيث من الطيب، والغث من الثمين، {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17].
ونضرب مثالًا لذلك أنه ظهر في القرن الثاني بدعة خطيرة، وملة ضالة، أرادت تقويض دعائم الإسلام بهدم أحد ركنيه وهو السنة، فأنكرت حجيتها، وحاولت تغطية مآربها الخبيثة بحجة الاكتفاء بالقرآن الكريم الذي أكمله الله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، {مَّا مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89]، فوضع الإمام الشافعي "الرسالة" وغيرها من كتب