وتظهر في هذا العلم الضوابط الحكيمة التي تصون الشرع، والقواعد المحكمة في الاجتهاد والاستنباط والاستدلال لحماية العالم من الضلال والزيع، وحماية التشريع من الدّسّ، وصيانة المجتهد من الانحراف أو البعد عن الحقيقة، ليبين للناس شرع اللَّه ودينه محفوفًا بالدقة والضبط، ويرسم الطريق للمستقبل وقادمات الأيام.
وكان الانتقال واضحًا سليمًا بين أبواب أصول الفقه التي تشبه أبواب الجنة، والتزمنا منهج التدرج والمنطق، فبدأ بالمقدمات عن تعريفه، وأهميته، ونشأته، وتحديد موضوعاته، وبينا أسباب الاختلاف بين الفقهاء، وعرضنا مقاصد الشريعة، ثم ولجنا مصادر التشريع ومنابع المعرفة الأصلية والتبعية، النصية والاجتهادية، حتى وقفنا عند بيان الأحكام الشرعية الكلية التكليفية والوضعية، وسار بنا المركب إلى لجّة البحر لمعرفة مباحث الدلالات وتفسير النصوص، ثم وقفنا عند الاجتهاد والتقليد والإفتاء التي تحتاج إلى تحديد التعارض الظاهري، والترجيح الواجب، وكشف طرقه المحكمة.
وهنا أذكِّر بأمور:
1 - التذكير بأهمية علم أصول الفقه، وبيان مكانته في العلوم الإسلامية، وحاجة الأمة إليه في كل وقت، وخاصة في العصر الحاضر، ووجوب تعلمه والتمرس عليه والعمل بموجبه من الفقيه والمجتهد والمفتي والعالم والباحث وطالب العلم، وإعادته للحياة والتطبيق والعمل.
2 - ضرورة ربط هذا العلم بالمستجدات، وخاصة التشريعات والأنظمة التي قررت في البلاد العربية والإسلامية، والمقارنة مع القوانين والأنظمة.
3 - ضرورة الاستفادة من علم أصول الفقه في الدعوة وسائر مناحي الحياة، ومختلف العلوم الشرعية.
4 - ضرورة الإضافة والتجديد لهذا العلم بما يواكب الفكر والعصر والتقدم ضمن الأسس والقواعد السابقة، وقد ظهرت فيه بواكير طيبة.