مثاله في القرآن: ورد في القرآن الكريم آية تجعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام، سواء كانت المرأة حاملًا أو غير حامل، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]، ووردت آية أخرى تحدد أجل انتهاء عدة الحامل بوضع الحمل، سواء كانت متوفى عنها زوجها أو مطلقة، قال تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]، فوقع التعارض في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها.
ومثاله في الحديث: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الرّبا في النسيئة" (?)، فالحديث يحصر الربا المحرَّم في ربا النسيئة (المؤجل)، ومقتضاه إباحة ربا الفضل (الزيادة بدون أجل)، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبيعوا البر بالبر إلا سواء بسواء ... ولا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل" (?)، وهذا يدل على تحريم ربا الفضل، فيكون الحديثان متعارضين (ظاهرًا) في ربا الفضل، فالأول يدل على إباحته، والثاني يدل على تحريمه.
يرى بعض الأصوليين أنه لا تعارض بين دليلين قطعيين، سواء كانا عقليين، أو نقليين، أو أحدهما عقليًّا والآخر نقليًّا؛ لأنه يؤدي إلى اجتماع النقيضين، أو ارتفاعهما، ولأن ترجيح أحدهما على الآخر محال، فلا مدخل للترجيح في الأدلة القطعية، وينحصر التعارض في الأدلة الظنية، سواء كانت نقلية، أو عقلية، أو أحدها عقليًّا، والآخر نقليًّا، ثم يقع الترجيح بينها.
ويرى بعض الأصوليين منع التعارض بين دليلين عامين بلا مرجح (?).