ويرد نظريًّا بين الأدلة الكلية، وهي مصادر التشريع العامة، كما يرد في جزئيات الأدلة الكلية، وفي فصول الدليل الواحد، وهو يواجه المجتهد أولًا عند الاستنباط والاستدلال، ثم يواجه الأصولي في التأليف والتصنيف، وفي تقعيد أصول الفقه وبيان مبادئه وقواعده التي يعتمد عليها في الاستدلال ثانيًا، وعند المقارنة ثالثًا، وهو محل البحث هنا فقط.
4 - تطور مبحث التعارض والترجيح في العصور الأخيرة لاعتماده في الدراسات المقارنة أو الموازنة بين المذاهب الفقهية، واستعراض أدلتها، وتعارضها مع أدلة المذاهب الأخرى، ثم العمل على الترجيح بين الأقوال والأوجه في المذهب الواحد، ثم يبين الباحث المذاهب المختلفة (?).
5 - اختلف منهج علماء الأصول في مكان دراسة التعارض والترجيح، فعرضه جمهور الحنفية وبعض الحنابلة والبيضاوي من الشافعية بعد مباحث الأدلة أو المصادر، وقبل الكلام على الاجتهاد والتقليد؛ لأن التعارض والترجيح وثيق الصلة بالأدلة، فلا يمكن إثبات الأحكام بالأدلة الظنية إلا بالترجيح بينها.
وذهب جمهور الشافعية والمالكية والحنابلة إلى ذكر التعارض والترجيح بعد الاجتهاد والتقليد؛ لأنها من عمل المجتهد، فالمجتهد هو الذي يدرك التعارض بين الأدلة، ثم يعمل على ترجيح أحدها.
ورجحنا منهج الجمهور؛ لتوقف معرفة التعارض بين الأدلة ثم الترجيح بينها على الاجتهاد، وأن هذا من عمل المجتهد حصرًا؛ لأنه يعرف التفاوت بين الأدلة، ويصنفها حسب مراتبها في القوة، ويحدد مجال التعارض، ثم يعمد إلى بيان الراجح منها ليعتمد عليه في الاستدلال والاستنباط.
6 - نسارع إلى القول فورًا: إنه لا يوجد تعارض حقيقي فيما بين الأدلة الكلية، ولا تعارض فيما بين الأدلة الجزئية والفرعية، وإن التعارض هو في