السريرة الباطنة، قال النووي رحمه اللَّه تعالى: "وكان مالك رحمه اللَّه يعمل بما لا يلزمه الناس، ويقول: لا يكون عالمًا حتى يعمل بخاصة نفسه بما لا يُلزمه الناس، مما لو تركه لم يأثم، وكان يحكي نحوه عن شيخه ربيعة" (?).
5 - أن يكون المفتي فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التصرف والاستنباط، متيقظًا لما يعرض عليه، بعيدًا عن الغفلة خشية الوقوع في مكائد المستفتين وشباكهم.
6 - ينبغي ألا يفتي حال تغير خُلُقه، وانشغال قلبه بما يمنعه من التأمل، كالغضب والجوع والعطش والحزن والفرح الغالب، والنعاس، والملل، والضجر من حر أو برد، والمرض، ومدافعة الحدث، وكل ما يشغل القلب، ويمنع الاعتدال (?).
7 - أن يتصف المفتي بالرفق في تفهم سؤال المستفتي، وأن يكون واسع الصدر معه، وأن يصبر عليه، فلا يضيق ذرعًا بجهل السائل، ولا بإلحاحه، أو تطويله، أو تطويل السؤال وتكراره (?).
8 - أن يكون المفتي مستقل الإرادة في الفتوى، فلا يخشى بها الناس، فيغير الحكم طمعًا في ترغيب، أو خوفًا من ترهيب، وأن يتجنب الفتاوى التي تملى عليه صراحة أو دلالة، فلا يكون مفتيًا للسلطة الحاكمة بحسب أهوائها، أو ما يتناسب مع توجهاتها واتجاهاتها، وخاصة في هذا الزمان، فإن أكثر الحكام لا يطبقون شرع اللَّه، ويتحايلون عليه، ويحاولون أن يلبسوا أعمالهم عباءة الشرع والدين باستصدار الفتاوى، والحصول على موافقة المفتي وأعوانه.
قال الإمام أحمد رحمه اللَّه تعالى: "إذا هاب الرجل شيئًا، لا ينبغي أن يُحمل على أن يقوله" (?).