الفاضل والمفضول، ولو كُلِّف ذلك لكان تكليفًا بضرب من الاجتهاد، وهو لا يستطيعه، ولأن اللَّه تعالى قال: {أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]، ولم توجب الآية تعيين الأفضل دون المفضول، ولأن المفضول من الصحابة والسلف كان يفتي مع وجود الفاضل، واشتهر ذلك وتكرر، ولم ينكر ذلك أحد، فدل على جواز استفتائه مع القدرة على استفتاء الفاضل (?).
لكن قال أكثر العلماء: إنه يلزم العامي في الأصح أن يقلد الأرجح من المجتهدين متى بان له ذلك، وخالف بعضهم في ذلك، وقال النووي رحمه اللَّه تعالى: "وهذا وإن كان ظاهرًا، ففيه نظر؛ لما ذكرنا من سؤال آحاد الصحابة مع وجود أفاضلهم" (?).
يقدم في تقليد المجتهدين الأعلم على الأورع في الأصح، لأنَّ الظن الحاصل بالأعلم أقوى، ولأنه لا تعلق لمسائل الاجتهاد بالورع.
فإن استوى المجتهدون تختر العامي في تقليد أحدِهم متى سكنت نفسه إليه واطمأنت إلى علمه (?).