فمن اجتهد في هذه الأمور العقلية، فيجب أن يهتدي إلى الحق والصواب فيها؛ لأن الحق فيها واحد لا يتعدد، والمصيب فيها واحد بعينه، وهذا رأي عامة الأصوليين، وقال بعضهم: إنه إجماع (?)، لأن تعدد الأقوال فيها يؤدي إلى اجتماع النقيضين أو الضدين، وهو باطل، والحق واحد، فمن أصابه أصاب الحق، ومن أخطأه فهو آثم، ثم يختلف الإثم، فإن كان الخطأ فيها يرجع إلى الإيمان باللَّه ورسوله فالمخطئ كافر (?)، واستدل العلماء على ذلك بقوله تعالى: {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [صَ: 27]، وقوله تعالى: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ} [فصلت: 23]، وقوله تعالى: {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [المجادلة: 17]، وقال عن الكفار: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [البقرة: 10]، فاللَّه سبحانه ذمهم على معتقدهم، وتوعدهم بالعقاب عليه، ولو كانوا معذورين فيه لما كان الوعيد، ويؤكد ذلك أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - طالب الكفار من اليهود والنصارى بتصديقه واعتقاد رسالته، وذمّهم على معتقداتهم، ولو كانوا مجتهدين فيها، وأجمعت الأمة على ذم الكفار، ومطالبتهم بترك اعتقادهم، وطالبوهم باعتناق رسالة الإسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015