القول الأول: يجوز تجزؤ الاجتهاد، بأن يعرف المجتهد جميع مآخذ المسألة الواحدة من الكتاب والسنة ليجتهد بها، وهو رأي أكثر العلماء، فقال الزركشي رحمه اللَّه تعالى: "الصحيح جواز تجزؤ الاجتهاد، بمعنى أن يكون مجتهدًا في باب دون غيره، وعزاه الهندي للأكثرين ... ، وقال ابن دقيق العيد: وهو المختار" (?)، وقال ابن النجار الفتوحي رحمه اللَّه تعالى: "الاجتهاد يتجزأ عند أصحابنا والأكثر" (?)، وقال الغزالي: "يجوز أن يكون منتصبًا للاجتهاد في باب دون باب" (?).
القول الثاني: عدم جواز تجزؤ الاجتهاد، وهو رأي بعض العلماء القدامى، وأيده الشوكاني، ومال إليه بعض المعاصرين (?).
أدلة القول الأول:
استدل الأكثر على مشروعية جواز تجزؤ الاجتهاد بعدة أدلة، منها:
1 - إن العالم إذا اطّلع على أدلة مسألة ما، أو باب معين، وعرف أحكامه، وجمع كل ما يتعلق به، فيجب عليه أن يجتهد، ولا يجوز له تقليد غيره؛ لأن ترك ما فهمه باجتهاده يكون تركًا للعلم، وهذا ما أراده ابن دقيق العيد فقال: "قد تمكن العناية بباب من الأبواب الفقهية حتى تحصل له المعرفة، وإذا حصلت المعرفة بالمأخذ أمكن الاجتهاد" (?).