المذهب المالكي، والرافعي والنووي والرملي في المذهب الشافعي، وابن قدامة وابن مفلح ويونس البهوتي في المذهب الحنبلي، والصنعاني والشوكاني في المذهب الزيدي، وغيرهم كثير، وفي سائر المذاهب، ممن كان لهم الفضل في تنقيح المذهب، وتحقيقه، ونقله، والتدليل للمعتمد فيه، والتصنيف فيه، وتعلميه، وتخريج المسائل الجديدة قياسًا على نظائرها وأشباهها، ولكنهم لم يستطيعوا مسايرة ومجاراة التقدم الدائم، أو التطور السريع، والنوازل الواقعة (?).

وأكد العلامة السبوطي رحمه اللَّه تعالى (911 هـ) على وجود الاجتهاد طوال التاريخ الإسلامي، وأنه مستمر في جميع المراحل، وأنه ظهر في كل بلد، وفي كل مذهب، عدد من العلماء الذين بلغوا رتبة الاجتهاد، والذين مارسوه فعلًا، وسمى كتابه "الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض"، وجمع نصوص العلماء من جميع المذاهب الفقهية القائلين بفرضية الاجتهاد وذم التقليد، ووجود المجتهدين فعلًا في كل مذهب، ومما نقله عن محيي السنة أبي محمد البغوي في كتابه "التهذيب" وهو من أجل الكتب المصنفة في الفقه، قوله: "العلم ينقسم إلى فرض عين وفرض كفاية ... ، وفرض الكفاية هو أن يتعلم ما يبلغ رتبة الاجتهاد ومحل الفتوى والقضاء، ويخرج من عداد المقلدين، فعلى كافة الناس القيام بتعلمه، غير أنه إذا قام من كل ناحية واحد أو اثنان سقط الفرض عن الباقين، فإذا قعد الكل عن تعلمه عصَوْا جميعًا؛ لم فيه من تعطيل أحكام الشرع، قال اللَّه تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)} [التوبة: 122]، إلى آخر كلامه" (?).

وسبق إلى ذلك الشهرستاني رحمه اللَّه تعالى (548 هـ) في كتابه "الملل والنحل" وبيَّن عصيان أهل العصر بأسرهم إذا قصروا في القيام بفرض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015