قواعد الاستنباط والاستدلال التي حددها علم أصول الفقه، وسبق بيانها في الباب السابق، ولذلك أكد الفخر الرازي أن علم أصول الفقه أهم العلوم للمجتهد، وسبقه إلى ذلك الغزالي رحمه اللَّه تعالى مبينًا أن أعظم علوم الاجتهاد هي الحديث واللغة وأصول الفقه، وسبقهما إمام الحرمين الجويني رحمه اللَّه تعالى الذي قال: أهم العلوم للمجتهد أصول الفقه.

ويدخل في علم أصول الفقه معرفة مقاصد الشريعة العامة التي تنير الطريق عند استنباط الأحكام، حتى لا يجمد العقل والفكر على الظاهر، وحرفية النص، وقطعه عن سائر النصوص التي تحدد أسرار الشريعة وغاياتها العامة، مما يساعد على تحديد المراد من النصوص، وترجيح أحد المعاني التي تتفق مع المقاصد دون غيرها، وسبق في الجزء الأول بيان مقاصد الشريعة، وأنها تنحصر في تحقيق مصالح الناس، بجلب النفع لهم ودرء المفاسد عنهم، وتدور على حفظ النفس والعقل والدين والنسل والمال (?).

ولا يشترط في المجتهد أن يكون عالمًا بفروع الفقه، ولا بعلم الكلام، لكن لا بدَّ من اعتقاد صحيح جازم، ولا يشترط معرفة العقيدة على طريقة المتكلمين بأدلتهم التي يحررونها، ويحصل الاجتهاد بممارسة الفقه؛ لأنه طريق لتحصيل الدربة والمعرفة والخبرة للاجتهاد (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015