بين أهل السنة والجماعة.
وهذا الاتفاق على الأصول العامة هو من فضل الله تعالى على هذه الشريعة التي أنزلها خاتمة الشرائع والرسالات، وتكفل بحفظها إلى أن يرث الأرض ومن عليها، فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9].
وأما الاختلاف في الفروع الفقهية، والأحكام التفصيلية فلا يضر بالأمة ولا يؤثر على كيانها وسمعتها ووحدتها، بل هو علامة على خلودها وصلاحها "كما سنرى".
3 - إن الاختلاف في بقية مصادر التشريع اختلاف في الظاهر غالبًا، أو هو اختلاف لفظي أو اصطلاحي، ولا مشاحة في الاصطلاح، وكثيرًا ما تكون النتائج متفقة، وينحصر أثر الاختلاف في جزئيات محددة، فلا خلاف في حقيقة الاستحسان بين الحنفية وبين المالكية والشافعية، ولا خلاف في الواقع بين الحنفية والشافعية وبين المالكية في المصالح المرسلة، لأن الشافعية والحنفية كثيرًا ما يعللون بالمصالح، ويبنون الأحكام عليها، وكذلك الأمر في العرف والعادة والاستصحاب وسد الذرائع وقول الصحابي وشرع من قبلنا (?).
4 - إن الاختلاف بين الأئمة كان السبب في تزويد المكتبة الإسلامية بهذه الثروة الفقهية التي نضاهي العالم بها، ونعتز بوجودها، وأتاحت للتشريع المرونة والحيوية في تلبية حاجات ومتطلبات التقدم والتطور