أجتهدُ في رأي، ولا آلو، أي: لا أقصِّر، فضرب رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - على صدر معاذ، وقال: "الحمدُ للَّه الذي وفقَ رسولَ رسولِ اللَّه لما يُرضي اللَّهَ ورسُولَه" (?)، والأحاديث في ذلك كثيرة (?).

ثالثًا: الإجماع:

أجمع الصحابة ومن بعدهم على مشروعية الاجتهاد، فكان الخلفاء الراشدون، وسائر الصحابة رضوان اللَّه عليهم إذا وقعت واقعة، أو حدثت قضية، رجعوا إلى كتاب اللَّه، فإن لم يجدوا فيه حكمًا، رجعوا إلى السنَّة، وسأل بعضهم الآخر، فإن لم يجدوا فيها حكم القضية، فزعوا إلى الاجتهاد حسب الأسس والأصول والقواعد والمنهج الذي دَرّبَهم عليه رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، حتى تواتر ذلك عن الصحابة، ولم يخالف في ذلك أحد، فكان إجماعًا (?)، وسار عليه سلف الأمة وخلفها حتى وقتنا الحاضر، وسيبقى كذلك حتى تقوم الساعة.

رابعًا: المعقول:

سبق البيان في التمهيد للاجتهاد والتقليد والإفتاء أن اللَّه تعالى له في كل حادثة أو واقعة في الكون حكم شرعي، وأن نصوص القرآن والسنة محدودة، وأن وقائع الكون غير محدودة ولا محصورة، والمحدود لا يحيط بغير المحدود، فصار الاجتهاد في معرفة الحوادث والمستجدات أمرًا محتومًا عقلًا، وواجبًا شرعًا، وهذا ما أدركه المسلمون خلفًا عن سلف مما لا يحتاج إلى مزيد بيان، فهو أمر مسلم فيه، ومفروغ منه، وأن الاجتهاد أصل في أحكام الشرع (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015