وهو ما انفرد به الجمهور، ووقع فيه خلافهم مع الحنفية، وسنفرده بالدراسة.
وأمثلة مفهوم الموافقة كثيرة، وسبق مثلها عند الحنفية، مثل دلالة قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23]، على تحريم الضرب وغيره للوالدين، ومثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)} [النساء: 10]، فالآية تدل بمنطوقها على تحريم أكل أموال اليتامى، وتدل بمفهوم الموافقة على تحريم الإتلاف والإحراق؛ لأن ذلك مساوٍ للأكل في الاعتداء على مال اليتيم (?).
فالدلالات عند المتكلمين ستة، وهي أربعة في المنطوق (دلالة المنطوق الصريح، دلالة الاقتضاء، دلالة الإيماء، دلالة الإشارة) واثنتان في المفهوم (مفهوم الموافقة، مفهوم المخالفة).
فيضيف الجمهور المتكلمون دلالة الإيماء، ودلالة مفهوم المخالفة، والأول عبارة عن تفصيل وتوسع، والثاني إضافة وزيادة، ولذلك فإن منهج المتكلمين ومنهج الحنفية متفقان في الأعم الأغلب، والأمثلة واحدة، والاختلاف في الاصطلاح والتسمية، والنتائج في الأحكام واحدة، ويبقى الاختلاف فعلًا في مفهوم المخالفة الذي سنخصص له المبحث الثالث.
إن المعنى المستفاد من اللفظ من حيث النطق به نوعان، وهما:
1 - المنطوق الصريح: وهو الذي وضع اللفظ فيه لمعنى، فتكون دلالته