فاللفظ يدل دلالة ظاهرة على معناه، ولكن عرض له عارض من غير الصيغة، فصار فيه غموض وخفاء في انطباقه على بعض أفراده، فيعتبر خفيًّا بالنسبة إلى هذا البعض من الأفراد، ولذلك كان أقل أنواع المبهم خفاء، ويقابله الظاهر في مراتب الوضوح.

مثاله: قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، فلفظ "السارق" له معنى ظاهر في مدلوله، وهو من يأخذ مال غيره خفية من حرز مثله (?)، لكن في دلالته على بعض الأفراد نوع غموض وخفاء، مثل الطَّرَّار (النَّشّال) الذي يأخذ مال غيره في غفلة من صاحبه بنوع من المهارة والخفة ومسارقة الأعين، فهو يغاير السارق بوصف زائد فيه، وله اسم خاص، مما أورث شبهة وخفاء في انطباق حكم السارق عليه، واحتاج إلى بحث واجتهاد.

وبعد الاجتهاد قال الجمهور: إن علة قطع السارق أكثر توفرًا في النَّشال؛ فإنه سارق وزيادة؛ لأن السارق يسارق الأعين النائمة، والنشَّال يسارق الأعين المتيقظة، فقالوا: ينطبق عليه حكم السارق، وتقطع يده بالأَوْلى، ويثبت وجوب القطع فيه بعبارة النص؛ لأنه سارق ماهر (?).

ومثله النبَّاش الذي يسرق أكفان الموتى من قبورهم، فهو يغاير السارق؛ لأنه يأخذ مالًا غير مرغوب فيه عادة، ومن القبر، وبحث العلماء في ذلك، واختلفوا، فقال جمهور الحنفية: إنَّ النَّباش ينقص فيه معنى السرقة، ولا ينطبق عليه اسم السارق؛ لأن المال غير مرغوب فيه عادة، والقبر ليس حرزًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015