النص في اللغة: رفع الشيء، من نصَّ الحديثَ ينصُّه نصًّا: رفعه، وكل ما أُظهر فقد نُصّ، قالوا: وكل شيء أظهرته فقد نصصته، والنصُّ: الإظهار، ولذلك عرّف بعض الأصوليين النص حسب المعنى اللغوي، فقال السرخسي رحمه اللَّه تعالى: "أمّا النَّص فما يزداد وضوحًا بقرينة تقترن باللفظ من المتكلم، ليس في اللفظ ما يوجب ذلك ظاهرًا، بدون تلك القرينة" (?).
والنص في اصطلاح الأصوليين من الحنفية: هو اللفظُ الذي يدلّ بنفس صيغته على معناه المقصود منه أصالة من سياقه، ويحتمل التأويل والتخصيص، احتمالًا أقل من احتمال الظاهر، ويقبل النسخ في عهد الرسالة (?).
مثاله: قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] فالآية نص في نفي المماثلة بين البيع والربا في الحل والحرمة، لأن الكلام سيق لبيان هذا الحكم أصالة، فازداد وضوحًا، ردًّا على من قال: "إنّما البيع مثل الربا" فالآية تدل على حل البيع وحرمة الربا ظاهرًا كما سبق، وعلى التفرقة بينهما ونفي التماثل نصًّا؛ لأن هذا هو المعنى الذي سيق الكلام لأجله.
ومثاله: قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] فهو نص في إباحة التعدد، وقصره على أربع؛ لأنه معنى متبادر فهمه من