القول الثاني: وهو قول الحنفية وبعض العلماء، أن المشترك لا يصح أن يستعمل في كل معانيه في إطلاق واحد، سواء في النفي أو الإثبات، ويجب التوقف حتى يقوم الدليل على تعيين معنى من معاني المشترك؛ لأن المشترك لم يوضع لكل معانيه بوضع واحد، وإنما وضع لكل معنى من معانيه بوضع خاص، فلا يراد مجموع معانيه حقيقة، وتكون إرادة جميع المعاني مخالفة لهذا الوضع الخاص، ولذلك قالوا: إن المشترك لا يفيد العموم.
وقالوا: إن الصلاة في الآية الأولى استعملت في قدر مشترك بين المغفرة والاستغفار، وأن السجود في الآية الثانية معناه غاية الخضوع والانقياد، فهو مشترك معنوي لا لفظي.
وهناك أقوال أخرى تفصل بين النفي والإثبات، وبين المفرد والجمع، وغير ذلك (?).
يضيف بعض العلماء إلى العام والخاص والمشترك قسم المؤول، ويفردونه بالبحث، ولا حاجة لإفراده؛ لأنه أحد فروع المشترك، فالمؤول هو نفس المشترك الذي ترجح أحد معانيه بالقرائن والاجتهاد، ويكون الترجيح بدليل ظني.
ويقابل المؤولَ المفسرُ هو الذي يأتي على اللفظ المجمل فيبين المراد منه بيانًا كاملًا بدليل قطعي ممن صدر عنه اللفظ المجمل، فإن لم يأت بيان من المشرع للمجمل بقي غير معروف الدلالة، لذلك كان المشترك أقوى وأوضح من المجمل؛ لأنه يمكن معرفة المراد من المشترك عند التأمل بالاجتهاد، أما المجمل فلا يمكن معرفة المراد منه بدون البيان، لكن إذا حصل بيان