- صلى الله عليه وسلم -: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث" (?)، ومفهوم المخالفة إذا لم يبلغ قلتين، فإنه يخصص عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه، أو لونه" (?)، فلفظ "الماء الطهور" عام يشمل القلتين، والأقل، والحديث الأول خصّه بما دون القلتين، فإنه ينجس بملاقاة النجاسة وإن لم يتغير، ويبقى الحديث الثاني على ما زاد على القلتين فلا ينجس إلا بالتغيير (?).
إذا ورد نص عام، ووقع فعل من النبي - صلى الله عليه وسلم - يخالف عموم اللفظ، كان ذلك تخصيصًا للعام.
مثاله: قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11]، فيشمل كل النساء فوق اثنتين، ولكنه مخصص بفعله - صلى الله عليه وسلم - فإنه أعطى بنتي سعد بن الربيع الثلثين، فدل على أن الآية قصد بها الاثنتان فما فوق.
ومثل قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222]، فهو عام بعدم القرب باللمس والجماع، وخصّص هذا العام بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان يباشر زوجته وهي حائض دون جماع (?)، فدل على أن المراد من العام هو الجماع