بالخاص، واشترطوا النصاب لعدم التعارض، وقال الحنفية بالتعارض وتقديم النص العام لرجحانه، ولم يشترطوا النصاب (?).
يرد العام في النصوص الشرعية على ثلاثة أنواع، ولكل نوع دلالة، وهي:
وهو العام الذي صحبته قرينة تنفي احتمال تخصيصه، وهو قليل كالعام في قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [الأنعام: 1]، وقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)} [الرحمن: 26]، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 284]، وقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6]، وقوله: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30]، فهذه الآيات تقرر سننًا إلهية لا تتبدل ولا تتغير، ودلالة العام فيها قطعي الدلالة على العموم، ولا يحتمل التخصيص، ويبقى العام شاملًا لجميع أفراده على الدوام.
وهو العام الذي صحبته قرينة تنفي بقاءه على عمومه، وتبين أن المراد منه بعض أفراده، مثل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، فالناس في هذا النص عام، ولكن يراد به خصوص المستطيعين، لقرينة قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ} كما أن ليس كل مستطيع مطالبًا بالحج؛ لأن العقل يقضي بخروج المجنون، والمراد المكلَّفون فقط، فالمكلف هو البالغ العاقل، ومثل قوله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} [التوبة: 120]، فأهل المدينة والأعراب لفظان عامان، ويراد بكل منهما خصوص المكلفين؛ لأن العقل يقضي بخروج العجزة، فذلك عام يراد به الخصوص قطعًا.