قال أصحاب القول الأول: يجوز تخصيص العام الظني بالدليل الظني كخبر الآحاد والقياس، مثاله: قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24]، فإنه مخصص بما رواه أبو هريرة رضي اللَّه عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تنكح المرأة على عمتها، ولا خالتها" (?)، وقوله تعالى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]، بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرث القاتل" (?)، وبقوله: "لا يرث الكافر من المسلم، ولا المسلم من الكافر" (?)، وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}] المائدة: 38]، مخصص بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا" (?)، والأمثلة كثيرة.
وقال الحنفية ومن معهم: لا يجوز خصيص العام ابتداء بدليل ظني كخبر الآحاد والقياس، واستدلوا بقول عمر رضي اللَّه عنه في قصة فاطمة بنت قيس، التي طلقها زوجها ثلاثًا، فروت أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل لها سكنى ولا نفقة، فقال عمر: "لا نترك كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت، لها السكنى والنفقة" (?)، فلم يجعل حديثها مخصصًا لعموم قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6]، والأمثلة كثيرة (?).
قال أصحاب القول الأول: لا يتحقق التعارض بين العام والخاص، ويعمل بالخاص فيما دلَّ عليه، ويُعمل بالعام فيما وراء ذلك؛ لأن الخاص