محمد، قال يحيى: إنما دلسه سفيان عن أبي أسامة. فقلت ليحيى: فلم يسمع سفيان من إبراهيم بن محمد بن المنتشر؟ فقال: بلى قد سمع منه؛ ولكن لم يسمع هذا سفيان بن عيينة من إبراهيم بن محمد بن المنتشر) (?).

ومنه أيضاً: ما ذكره الدوري بقوله: (سألت يحيى عن حديث هشيم عن أبي إسحاق عن أبي قيس عن هزيل قال قال عبد الله ما أبالي ذكري مسست أو أنفي فقلت له من أبو إسحاق هذا فقال يحيى: هشيم لم يلق أبا إسحاق السبيعي ولم يلق أيضا أبا إسحاق والذي يدلس عنه الذي يقال له أبو إسحاق الكوفي) (?).

ومنه: قول عبد الله بن أحمد بن حنبل: (قلت لأبي كم سمع هشيم من جابر الجعفي؟ قال: حديثين. قلت: فالباقي؟ قال: مدلسة) (?).

وقد أطلقوا التدليس على من روى عمن لم يلقه، وهو ما يسميه الحافظ المرسل الخفي، ومن ذلك قول الدوري: (سمعت يحيى يقول لم يلق يحيى بن أبي كثير زيدَ بن سلام وقدم معاوية بن سلام عليهم فلم يسمع يحيى بن أبي كثير أخذ كتابه عن أخيه ولم يسمعه فدلسه عنه) (?).

وقال ابن حبان في ترجمة سليمان بن موسى الأسدي: (وقد قيل إنه سمع جابراً وليس ذاك بشيء تلك كلها أخبار مدلسة) (?).

فهنا أطلق ابن معين عبارة تدليس على من عاصر ولم يسمع، وأطلقها ابن حبان على من يشك في معاصرته أصلاً، وسماه تدليساً، فالمتقدمون كانوا يتجوزون في هذه العبارات ولا مشاحة فيها عندهم، فهذا مثلا (سليمان بن موسى) وصفه ابن حبان بالتدليس , ولو اطلع على هذا احدنا اليوم لوصفه بالتدليس وربما ضعف كل حديثه ما لم يصرح بسماعه، ولربما استدركه على العلائي وابن حجر؟؟ في حين أنّ ابن حبان أراد به الإرسال، وقد نص الأئمة كالبخاري وغيره على أنّه لم يسمع من جابر - رضي الله عنه - ولا غيره من الصحابة (?)،ولم يذكره أحد بالتدليس بتاتاً، فتأمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015