المطلب الأول: تعريفه: وهو أن يروي الراوي عن الشيخ، فيسميه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه، بما لم يشتهر به، أو بما لم يعرف به أصلاً؛ فإما أن يُجْهَل - بسبب ذلك - الشيخ المراد تعيينه، أو توافق تسميته تسمية غيره من الثقات أو الكبار أو المشاهير فيوهم ذلك أنه المراد بكلامه. ... وعرفه العراقي:"بأن يصف المدلس شيخه الذي سمع ذلك الحديث منه بوصف لا يعرف به من اسم كنيته أو نسبة إلى قبيلة أو بلد أو صنعة أو نحو، ذلك كي يوعر الطريق إلى معرفة السامع له" (?). وعلق الحافظ العسقلاني على هذا التعريف بقوله:"ليس قوله مما لا يعرف به قيدا، بل إذا ذكره بما يعرف به إلا أنه لم يشتهر به كان ذلك تدليساً" (?).وهو تعقب متجه، والله أعلم. وعرفه السيوطي بقوله:" تدليس الشيوخ بأن يسمي شيخه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف " (?). وفي هذا القسم من التدليس تضييع للمروي عنه وتوعير لطريق معرفته على من يطلب الوقوف على حاله وأهليته كما قال الإمام ابن الصلاح (?). ... ويختلف تدليس الشيوخ باختلاف الأغراض فمنهم من يدلس شيخه لكونه ضعيفا أو متروكا حتى لا يعرف ضعفه إذا صرح باسمه ومنهم من يفعل ذلك لكونه كثير الرواية عنه كي لا يتكرر ذكره كثيرا أو لكونه متأخر الوفاة قد شاركه فيه جماعة فيدلسه للإغراب أو لكونه أصغر منه أو لشيء بينهما. ... وينبغي الاعتناء بمعرفة أسماء الرواة الذين كانوا يتعاطون هذا النوع من التدليس، فإنه يورد ريبة في كل شيخ لأحدهم غير معروف، وكذلك يورد ريبة في روايته عن حافظ ثقة شهير له أصحاب يلازمونه وتفرد عنه بالحديث ذلك المدلس، دونهم، فحينئذ يقوم الاحتمال على أن يكون المسمى بذلك الاسم راوياً آخر غير ذلك الحافظ الشهير، وقد يكون مجروحاً أو مجهولاً، ولكن ذلك المدلس دلس اسمه عمداً، غيَّره ليوافق اسم الحافظ المشهور ليوهم أنه هو شيخه في ذلك الحديث. ومن الكتب المُساعدة على كشف هذا النوع من التدليس (موضح أوهام الجمع