السكوت: (مثاله ما رويناه في الكامل لأبي أحمد بن عدي وغيره عن عمر بن عبيد الطنافسي أنه كان يقول: (حدثنا)، ثم يسكت ينوي القطع، ثم يقول: هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها) (?). أقول - الباحث-:لا يُعلم أحدٌ وصف الطنافسي بالتدليس غير الحافظ ابن حجر في (النكت)، بل لم يذكره ابن حجر نفسه في (طبقات المدلسين)، ولا وصفه بالتدليس في (التهذيب) ولا (التقريب)، ولكنه قال في ترجمة عمر بن علي المقدمي من (التقريب): (ثقة وكان يدلس شديداً).فهذا كله يدل على أن المقصود هو المقدمي وليس الطنافسي، والله اعلم. ولا يلزم أن يكون التدليس بإسقاط راو واحد بل قد يكون بإسقاط أكثر من راو، فالتدليس قد يقع بإسقاط المدلس أكثر من واسطة بينه وبين شيخه كما قال أحمد بن حنبل في المبارك بن فضالة: كان يرسل [عن] الحسن؛ قيل: يدلس؟ قال: نعم؛ قال: (وحدث يوماً عن الحسن بحديث فوُقِف عليه، قال: حدثنيه بعض أصحاب الحديث عن أبي حرب عن يونس) أي عن الحسن، وبناء على ما تقدم فإنه قد لا يقنع الناقد الفطن بالوقوف على راو واحد بين الراوي المدلس وشيخه في حديث من الأحاديث، لقيام القرينة على قوة احتمال أن تكون الواسطة بينهما أكثر من راو؛ وهذا أمر مهم يدخل في مسألة أحكام متابعة المدلسين والضعفاء لبعضهم في الروايات. وقد ذكر الحافظ ابن جماعة ذلك (?)،كما مر.

المطلب الثالث: حكم تدليس الإسناد

تدليس الإسناد بأنواعه مكروه جداً، وقد ذم التدليس كبار النقاد، وبالغوا في ذمه، فقال شعبة بن الحجاج:"التدليس في الحديث أشد من الزنا ولَأَنْ أسقط من السماء أحب إلي من أن أدلس" (?)،ونقل مُرَّةٌ عنه القول:"لَأَنْ أزني أحب إلي من أدلس" (?).وقال حماد بن زيد:" المدلس متشبع بما لم يُعْطَ". (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015