الْمُحْسِنِينَ) وليس في ألفاظ الإيجاب أوكد من هذا؛ لأنه جعلها من شرائط الإحسان.، وعلى كل أحد أن يكون محسنا، وإذا وجبت عليهم وجبت على غيرهم، لأن أحدا لا يفرق بين المحسن والمسيء في الفروض، ولا يجوز أن تكون ندبا؛ لأن الندب لا يختلف فيه المحسنون وغيرهم، وعند أصحابنا أن المتعة لا تكون أكثر من نصف مهر المثل، وفيه كلام كثير أوردناه في التفسير.
وأما قوله: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) فالمتاع هنا نفقة العدة، وأوردنا هذه الوجوه على ما جاء عن السلف، وعندنا أن المراد بجميع ذلك المنفعة مع التلذذ، ومثله: (بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ).
وقال بعض أهل اللغة: أصل التمتع التزود، والمتاع الزاد، وتستعمل في التلذذ، وقوله تعالى: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ).
قال المفضل: إلى هاهنا بمعنى مع، والتمتع بالعمرة إلى الحج، وهو أن يأتي بعمرة في أشهر الحج وهي شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة، حى إذا قضاها حل من إحرامه ثم أحرم من عامه بالحج فعليه ما استيسر من الهَدْي، واستيسر وتيسر واحد مثل استأخر وتأخر، وأدنى ذلك شاة، ويجوز مثلها في الأضاحي، وكذلك القادر، وليس على المفرد هدْي، وأما متعة النساء فحرام، ومن خالف فيه فهو خارج من الإجماع، والإجماع قد سبق بتحريمه، ونهى عمر - رضي الله عنه - عنها لنهي رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عنها، والشاهد ما روى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم المتعة بالِطلاق والنكاحِ "، وقول الله عز وجل: (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) والمتعة هي وراء ذلك، وأما متعة الحج فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحله بثلاثة أيام ثم حرمه، وكان ابن عباس يحل المتعة فقال له علي - عليه السلام - " أنت امرؤ تائه نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن متعة النساء، وأكل حمر الأهلية بخيبر "، فرجع ابن عبَّاس عن هذا القول، ونادى يوم عرفة بأعلى صوته: " أنا عبد الله بن العباس ألا إن المتعة حرام كالميتة والدم ".