وجاء لفظ كذب في القرآن على وجهين:
الأول: الجحد، قال: (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى) أي: جحد الجنة، وقوله: (كَذَّبَ وَتَوَلَّى)،، أي: جحد وأعرض، وقوله: (وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ).
الثاني: تكذيب الرسول، وهو القول بأنه كاذب، قال الله: (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) ومثله كثير.
وأما قوله: (فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ) فمعناه أنهم لا يكذبونك ولكنهم يكذبونني لأني أنا المخبر لك، وقيل: (لَا يُكَذِّبُونَكَ) بحجة، بل هو جحد ومكابرة.
وقيل: المراد أنهم لا يقدرون أن يقولوا لك فيما أنبأتهم به مما في كتبهم؛ أنك كاذب فيه، ويجوز أن يكون المراد أنهم لَا يُكَذِّبُونَكَ بقلوبهم، ولكن يجحدون أمرك بألسنتهم، [وقرئ (لَا يُكْذِبُونَكَ)]، أي: لا يصادفونك كاذبا فيما أخبرت به عن المذكور في كتبهم.
ويجوز أن يكون لا يصادفونك كاذبا إذا نظروا في أمرك حق النظر، وأكذبت الرجل صادفته كاذبا، وأبخلته صادفته بخيلا، وقيل: (كَذَّبَ بِالْحُسْنَى) أي: قصر به، والعرب تقول كذب الرجل في الحرب إذا ترك الحملة.