المخبر عنه، ويكون كل مقدار ما تقدم به الخبر، ومنه قوله: (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ) أي: أخبر عن ذلك، بقوله: (إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ) ومنه، قول العجاج:
وأعلم بأن ذا الجلال قد قدر
أي أخبره، وقيل: قدر وقدر لغتان بمعنى واحد، وقرئ: (فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) بالتثقيل فجمع بين اللغتين، كما قال الأعشى:
وأنكرتني وما كان الذى نكرت
والصحيح أن قدَّر الشيء بالتشديد وفي تكرير الفعل، وقيل: التخيف بمعنى القدر والملك، ومعنى قولهم: المقدور كائن، أن ما أخبر اللَّه بكونه كائن؛ وليس أن المعنى المخلوق كائن؛ لأن ذلك لا يشك فيه.
والقدر في الفزآدْ على ثلاثة أوجه:
الأول: الأمر والحكم، قال اللَّه: (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) يعني: أنه أمر في الزاني بالرجم، وفي القاذف بالجلد، وفي السارق بالقطع، وفي القاتل بالقتل، وهدى بذلك إلى ما فيه نجاة الخلق.
وفي هذا دليل على أن المعصية ليست من قدر اللَّه (?)، لقوله: (قَدَّرَ فَهَدَى). ولم يقل: قدر فأضل وأعمى.
الثاني: الخلق على قدر، قال تعالى: (وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) أي: يخلق كل واحد منهما بعد الآخر على قدر لا زيادة ولا نقصان.
وقال: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) أي: ذلك خلقه كذا قيل، ويجوز أن يكون المعنى أنه قدر صيرها تقديرا لا يتفاوت.