الحتم، ومنه أصله، قيل القاضي لأنه يحتم على الناس الأمور، ثم قيل: لكل شيء الحتمة، وفرغت منه قد قضيته، قال أبو ذؤيب:
وعليهما مَسْرودتان قَضَاهُما ... داودُ أو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
وذلك أن من عمل عملا وفرغ منه فقد حتمه وقطعه، والقضاء تأدية الفرض، ومنه قضاء الدين، وحد القضاء في اللغة فصل الأمر وإبرامه وبلوغ آخره على التمام والإحكام، ومنه قوله للموت: قضاء اللَّه لأنه آخر أمر الدنيا، ومنه قوله: (يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ) ومنه التقضي والانقضاء.
وهو في القرآن على اثني عشر وجها:
الأول: الأمر، قال اللَّه: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) أي: أمر أن نعبد اللَّه وحده، وفي هذا بطلان قول من يقول: إنه قضى أن نعبد الشيطان، وقيل: فرض، وهو قريب من الأول، ولا يقال: قضاء إلا فيما كان لازما من الفروض؛ فأمَّا النوافل فلا يقال فيها القضاء.
الثاني: بمعنى العلم، قال الله: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ) أي: أعلمناه، وإذا قلت: قضيت إليك، فهو بمعنى العلم، وقضيت عليك بمعنى الحكم، ومثله: (وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ) ثم فسر ما الأمر، وقال: (أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) كأنَّه قال: وقضينا إليه أن دابر هؤلاء مقطوع، ومثله: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) أي: أعلمناهم ذلك، ويجوز