قد ذكر أصل هذا الحرف، وهو في القرآن على ثلاثة أوجه:
الأول: بمعنى العذاب؛ قال اللَّه تعالى: (فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) أي: من انتهى منهم عن الكفر فلا عذاب عليه؛ إنما هو على من ظلم نفسه بإقامته على الكفر، وسُمِّي العذاب عدوانا لأنه مقابلة بالعدوان، كما قال الشاعر:
جزينَا ذَوِي العُدْوَان بِالأمس مثله ... قَصَاصا سوَاء جزوكَ النعل بالنِعَلِ
ويجوز أن يكون سُمي عذاب الآخرة عدوانا لمجاوزته حد العذاب المعهود.
الثاني: الظلم؛ قال الله: (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) وقال: (تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).
والإثم في هذه المواضع يجوز أن يكون مثل العدوان مثل الإثم وإنَّمَا ذكر للتوكيد، كما تقول: الغشم والظلم هذا قول.
وقول آخر: وهو أن الإثم يقتضي أنه يتتبع عليه، وأصله في العربية التقصير. والعدوان يقتضي مجاوزة الحد؛ فعطف أحدهما على الآخر مخالفة ما يقتضيه كل واحد منهما ولو كانا في المعنى سواء لم يجز عطف أحدهما على الآخر، كما لا يجوز عطف زيد على أبي عبد الله إذا كان هو هو.