الباب السابع عشر
فيما جاء من الوجوه والنظائر في أوله ظاء
الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ومنه: ظلم السقاء إذا شربه قبل أن يروب، وقال الشاعر:
هرت الشقائق ظلامون للجزر
أي يعرقبونها فيجعلون العرقبة مكان النحر، وعنه قيل الظلمة لأنَّهَا قد تكون سببا لوضع الشيء في غير موضعه لعدم الإبصار فيها، وقال بعض أهل اللغة: يقال في الجمع القليل منه ظلم ومنه ثلث ظلم، والكثير الظلمات وهذا خلاف الأصْل؛ لأن الجمع القليل يجيء بالتاء في جميع اللغة.
والظلمات في القرآن على ثلاثة أوجه:
الأول: الكفر؛ قال الله: (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) أي: من الكفر إلى الإيمان؛ فأخرج ما يرى بالعين إلى ما لا يرى بالعين ليتولد التشبيه، وجعل الكفر ظلمة لما في الكفر من الحيرة والوحشة، والإيمان نورا لما يكون مع النور من الاهتداء والاستقامة والأنس بثلج اليقين.
الثاني: الأهوال؛ قال الله: (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) قال أهل التفسير: أراد أهوالهما، ويجوز أن يكون أراد الظلمات بعينها. ومن الأول قولهم: يوم مظلم، وأظلم النهار في عينه؛ يريدون الهول والشدة.