الباب الرابع عشر
فيما جاء من الوجوه والنظائر في أوله صاد
أصل الصدق من الثبات، ومنه قيل: صدقهم القتال؛ إذا ثبت لهم، وتمرٌ صادق الحلاوة يرجع إلى هذا.
والصدق خلاف الكذب؛ لأنه يثبت، والكذب يبطل، والصداقة: ثبات المودة، ثم صار الصداقة اسما لاتفاق الضمائر على المودة، فإذا أضمر كل واحد من المتعاشرين مودة صاحبه، فصار باطنه فيها كظاهره سميا صديقين.
ولهذا لا يجوز أن يقال: إن الله صديق المؤمن، كما يقال: إنه وليُّه، ولا يجوز أن يكون المؤمن صديقه كما أنه خليله وحبيبه ووليه، ومعنى الولي أنه يحب الخير لوليه، كما أن العدو يحب الضر لعدوه، ويقول الله: (وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) بمعنى أنه يتولى حفظهم وكفايتهم، كما أن ولي الطفل هو المتولي لشأنه والمتكفل لمعونته، ومعنى محبة العبد لله؛ إرادة: طاعته، ومحبة الله للعبد إرادة ثوابه.
ومعنى الخلة الاختصاص، فقيل: إن إبراهيم خليل اللَّه لاختصاص اللَّه إياه بالرسالة، ولا يجوز أن الله خليل له؛ لأنه لا يجوز أن يخص اللَّه بشيء غير العبادة، والخلق في عبادة الله سواء ليس لأحد فيها خصوصية