الخوف خلاف الأمن، والأمن سكون النفس والخوف انزعاجها وقلقها، وهو معنى غير العلم؛ لأن العلم يبقى بعد ذهاب الخوف. وأصله من النقصان، ومنه قيل: خوفت الشيء إذ أنقصته، ودينار مخوف ناقص الوزن، وقد يجيء الخوف بمعنى العلم، قال الله تعالى: (إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) وكذلك الخشية بمعنى العلم، قال الله: (فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا) وقالوا: الخوف كالظن يكون شكا ويقينا، وأنشد:
أخافُ إِذَا مَا مت ألا أذوقهَا
أي أعلم، وموضعه في الظن قولك لصاحبك قد أبق غلامك، فيقول: قد خفت ذاك، ويجوز أن يكون هذا من الخوف خلاف الأمن.
والخوف في القرآن على خمسة أوجه في زعم بعض المفسرين:
الأول: القتل، وهو قوله: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ) يعني: القتل، وليس بالوجه لأن قوله: (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ) قد تضمن القتل، ولكن معناه الخوف على الأنفس لكثرة الأعداء، وذلك كان حال أهل المدينة بعد الهجرة، وهم مخاطبون بهذه الآية.
الثاني: الحرب، قال الله: (فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ)، يعني: الحرب، وسماها خوفا لما فيها من الخوف كما تسمى الحرب روعا لما فيها من الروع، والروع والخوف سواء