يقال: جعلت بمعنى أنشأت ولا يتجاوز مفعولا، ومنه: جعل الله الناس، وجعل الأرض، وجعلت أيضا بمنزلة نقلت، كقولك: جعلت الطين آجرا، وجعلت الفضة خاتما، وجعلت بمنزلة ظننت، تقول: اجعل الأمين خادما وكلمه؛ أي: ظنه خادما، وجعلت بمنزلة سميت، قال: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا) ويقال أيضا: جعلت القرية عن يميني.
والفرق بين الجعل والفعل؛ أن جعل الشيء يكون بإحداث غيره فيه، كجعلك الطين خزفا، وفعل الشيء إحداثه لا غير.
وقال بعضهم: جد الجعل الفعل ولابد لكل جعل من تعلق بمجعول ومفعول، أما نفس الشيء الوقع عليه ظاهر اللفظ؛ كقوله تعالى: (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ) أي: خلقهما، وأما اسمه ووصفه، كقوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا) أي: جعلوا اسمهم اسم الإناث ووصفهم، وفعلوا ذلك، وأما حكمه؛ كقوله تعالى: (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي: جعلتم حكم هذا كحكم هذا، وكقولك: جَعل الله هذا حلالا وهذا حراما، أي: جعل حكمه حكم ذلك، وأما علته لها كان المجعول على صفته؛ كقولك: جعلت المحرك متحركا؛ أي: فعلت العلة.