فاستثنى من لفظه، والمعنى: أن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به، قال الراجز:
لَوْ قُلْتُ مَا فِي قَوْمها لمْ تَيْثَمِ ... يَفْضُلها فِي حَسَب وَمَيْسمِ
أي: لو قلت ما في قومها أحد يفضلها، وقال تعالى: (وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى) أي: لا يقصد لذلك، ولكنه يقصد ابتغاء وجه ربه.
ومما يجري مع هذا الباب ما قاله المبرد: إن الاختيار في قوله: (وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا) أن يكون الاسم ما بعد إلا وليس مثل قوله: (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) لأن مكاء نكرة مصدر، والاسم فيما مضى معرفة والخبر معرفة " وكذلك قوله تعالى: (مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا): (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا) وقوله تعالى: (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا) وذلك أن إلا موجبة فاختاروا أن يجعلوا الموجب الاسم وهذا كله جائز إلا إذا كان الاسم والخبر معرفتين، وينشدون بيت الفرزدق:
وقد شهدَتْ قيسٌ فما كان نصرُها ... قتيبةَ إلا عضَّها بالأباهم
على الوجهين.