قِصَّةُ صَاحِبِ الْحُوتِ وَلَقَدْ عَجِبْتُ لِلْمُدَّخِرِ عَنْ نَفْسِهِ، وَالْمُؤْثِرِ لِغَيْرِهِ، فَوَيْحَكَ، قَابِلْ هُمُومَكَ بِخِفَّةِ الْمَالِ، وَتَبَلَّغْ بِالْكَفَافِ تَبْلُغِ الْمَنْزِلَ، وَادَّخِرِ الْفَضْلَ لِنَفْسِكَ، وَلَا تُؤْثَرْ غَيْرَكَ فَتَلْقَ مَا لَقِيَ صَاحِبُ الْحُوتِ. قَالُوا: وَمَا الَّذِي لَقِيَ صَاحِبُ الْحُوتِ؟ قَالَ أَنْطُونِسُ: زَعَمُوا أَنَّ صَيَّادَ سَمَكٍ أَصَابَ فِي صَيْدِهِ حُوتًا عَظِيمًا سَمِينًا، فَقَالَ: لَيْسَ مِثْلُ هَذَا يُبَاعُ، وَمَا أَحَدٌ أَحَقُّ بِأَكْلِهِ مِنِّي فَانْقَلَبَ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُهْدِيَهُ إِلَى جَارٍ لَهُ مِنَ الْحُكَمَاءِ، فَلَمَّا أَتَاهُ بِهِ دَعَا لِلصَّيَّادِ بِعِوَضٍ مِنْهُ، فَأَبَى الصَّيَّادُ أَنْ يَقْبَلَهُ، فَقَالَ لَهُ الْحَكِيمُ: فَمَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا، لَعَلَّ لَكَ حَاجَةً تُحِبُّ قَضَاءَهَا؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُوثِرَكَ بِهِ. قَالَ: قَدْ قِبْلَتُهُ، ثُمَّ أَمَرَ خَادِمًا لَهُ فَقَالَ: اذْهَبْ بِهَذَا الْحُوتِ إِلَى جَارِنَا هَذَا الْمُقْعَدِ الْمِسْكِينِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الصَّيَّادُ ضَرَبَ جَبْهَتَهُ، وَقَالَ: يَا وَيْلَهُ مِمَّا حَرَمَ نَفْسَهُ مِنْ أَكْلِ هَذَا الْحُوتِ، ثُمَّ صَارَ إِلَى أَعْدَى النَّاسِ لَهُ. قَالَ لَهُ