وَالْعَالِمِ، كَيْفَ اسْتَوَيَا فِي هَلَاكِ أَنْفُسِهِمَا؟ أَلَا إِنَّ الَّذِي يَسْرِقُ وَلَا يَعْرِفُ عُقُوبَةَ السَّارِقِ أَعْذَرُ مِنَ السَّارِقِ الْعَارِفِ بِعُقُوبَتِهِ، وَيَا عَجَبًا لِلْحَازِمِ كَيْفَ لَا يَبْذُلُ مَالَهُ دُونَ نَفْسِهِ فَيَنْجُوَ بِهَا، فَإِنِّي أَرَى هَذَا الْعَالَمَ يَبْذُلُونَ أَنْفُسَهُمْ دُونَ أَمْوَالِهِمْ، كَأَنَّهُمْ لَا يُصَدِّقُونَ بِمَا يَأْتِيهِمْ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُمْ، قَالُوا: مَا سَمِعْنَا أَحَدًا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمِلَّةِ يُكَذِّبُ بِشَيْءٍ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ قَالَ: مِنْ ذَلِكَ اشْتَدَّ عَجَبِي مِنِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى التَّصْدِيقِ وَمُخَالَفَتِهِمْ فِي الْفِعْلِ، كَأَنَّهُمْ يَرْجُونَ الثَّوَابَ بِغَيْرِ أَعْمَالٍ