الحَمْدُ للِه الَّذِي حمَى هَذِه الشَّرِيْعَةَ الغَرَّاءَ بِأئِمَّةٍ أمْجَادٍ، قيَّدُوا شَوَارِدَهَا، وجَمَعُوا أوَابِدَهَا بِسَلاسِلِ الإسْنَادِ؛ فَتَمَّتِ الهِدَايَةُ بِاتِّصَالِ الرِّوَايَةِ، وكَمُلَتِ العِنَايةُ ببِلُوْغِ الغَايَةِ مِنَ الدِّرَايَةِ، وصَارَتِ الأسَانِيْدُ المُتَّصِلَةُ لِمَعَاهِدِ العُلُوْمِ كَالأنْوَارِ، ولمعَالمِ المَعَارِفِ كَالسِّوَارِ، يَرْوِيْهَا الأكَابِرُ عَنِ الأكَابِرِ، ومِنْهُ أضْحَى الإسْنَادُ مِنَ الدِّيْنِ، وقُرْبَةً إلى رَبِّ العَالمِيْنَ.
والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى عَبْدِهِ ورَسُوْلِهِ الأمِيْنِ، وعَلَى آلِهِ، وصَحْبِهِ الغُرِّ الميَامِيْنَ، ومَنْ تَبِعَهُم بِإحْسَانٍ إلى يَوْمِ الدِّيْنِ.
أمَّا بَعْدُ:
فَاعْلَمْ رَحِمَكَ اللهُ أنَّ الإجَازَةَ جَائِزَةٌ عَنْدَ فُقَهَاءِ الشَّرْعِ، المُتَصَرِّفِيْنَ في الأصْلِ والفَرْعِ، وعُلَمِاءِ الحَدِيْثِ، في القَدِيْمِ والحَدِيْثِ؛ قَرْنًا فَقَرْنًا، وعَصْرًا فَعَصْرًا إلى زَمَانِنَا هَذَا.
وفي الإجَازَةِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى كُلِّ ذِي بَصِيْرَةٍ وبَصَرٍ: دَوَامُ مَا قَدْ رُوِيَ وذُكِرَ، وبَقَاءُ مَا قَدْ كُتِبَ ونُثِرَ؛ فَهِيَ أنْسَابُ الكُتُبِ، ولَوْلَاهَا لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ، لِذَا كَانَ يَنْبَغِي التَّعْوِيْلُ عَلَيْهَا، والسُّكَوْنُ إِلَيْهَا، مِنْ غَيْرِ شَكٍّ فِي صِحَّتِهَا، أَوْ رَيْبٍ فِي فُسْحَتِهَا.