يقول: أعوذ بالله من الشيطان، والزيادة عليه بأن يقول: أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم، أو نحو ذلك، ويعتبر القارئ عندئذ ممتثلا للأمر في الآية الكريمة سواء نقص عنها لفظا أو زاد عليها لفظا، أو اثنين، أو ثلاثة، ومما ينبغي التنبه له:

أن الأمر في الآية الكريمة للندب على ما ذهب إليه جماهير العلماء من السلف والخلف.

98 - وفيه مقال في الأصول فروعه ... فلا تعد منها باسقا ومظلّلا

اللغة: ضمير (فيه): يعود على التعوذ. و (مقال): مصدر ميمي، والمراد به القول. و (الفروع):

جمع فرع وهو الغصن. و (الباسق): الشجر الطويل المرتفع. و (المظلل): ما له ظل لكثرة ورقه.

والمعنى: أن في التعوذ قولا كثيرا، وكلاما طويل الذيل، ممتد النسق، انتشرت فروعه في أصول الفقه، وأصول الحديث، وأصول القراءات. فأما أصول الفقه: فيبحث فيها عن التعوذ من حيث إن الأمر به في الآية؛ هل هو للوجوب أو للندب؟ وهل الآية واضحة الدلالة فيتعين لفظها أم مجملة فيصلح كل لفظ يدل على التعوذ؟. وأما أصول الحديث:

فيبحث فيها عن درجة الأحاديث الدالة على التعوذ وعن سندها وحال رواتها. وأما أصول القراءات- والمراد بها أمهات الكتب المؤلفة في هذا الشأن ك «الكامل» للإمام الهذلي، و «الإيضاح» للأهوازي، و «جامع البيان» للداني- فيبحث فيها عن التعوذ من حيث الجهر به والإخفاء، ومن حيث الوقف عليه أو وصله بما بعده. وقوله: فلا تعد منها باسقا ومظللا، معناه: فارجع إلى هذه الأصول وأمعن النظر فيها ولا تتجاوز منها القول الذي

تعضده الأدلة، وتؤازره البراهين. فكنى بالباسق والمقال عن هذا القول.

99 - وإخفاؤه فصل أباه وعاتنا ... وكم من فتى كالمهدوي فيه أعملا

اللغة: (الإخفاء): الإسرار، وضمير (وإخفاؤه): يعود على التعوذ، و (أبى الشيء):

تجنبه وامتنع من فعله. و (الوعاة) جمع واع كقضاة جمع قاض وهو الحافظ المدقق، وقد جرى كثير من شراح القصيدة على أن الفاء رمز لحمزة والألف رمز لنافع. وعلى هذا يكون.

المعنى: أن حمزة ونافعا كانا يخفيان التعوذ عند قراءتهما. وممن أخذ به لحمزة مطلقا في جميع القرآن: الإمام أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي المقرئ المفسر المتوفّى سنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015