رَبِّ الْعالَمِينَ. وبعد تضرعه في الثناء وتخضعه في الدعاء
يقول: (صلاة الله ثم سلامه) أي: إعطاء الرحمة والسلامة لسيد المخلوقات المرضي عند الله وعند جميع الكائنات حال كونه مختارا من صفوة الصفوة من عباد الله محمد صلّى الله عليه وسلم الموصوف بالمحامدة العديدة والمحاسن الفريدة الذي يحمده الأولون والآخرون يوم القيامة وقت الشفاعة المختار من بين الخلائق لتبيين الحقائق لأجل شرفه حسبا ونسبا، من بين الخلق، وعجما وعربا حال كونه كالقبلة في توجه الخلق إليه وإقبالهم عليه، وكالكعبة حيث يطول المجد والشرف حوله ويتبع فعله. وقوله: (صلاة) عظيمة تحاكي الريح وتعارضها وتجري جريها في عظيم نفعها وعموم أثرها حال كونها مشبهة طيب المسك وعبوق المندل في انتشارها وتعدد محالها. وتظهر الصلاة على أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم وأحبابه وأشياعه، روائحها الطيبة
ونفحاتها العطرة، التي لا انقضاء لها ولا انقطاع في الدنيا ولا في الآخرة حال كونها شبيهة بالزرنب والقرنفل في طيب الرائحة وعموم النفع.
وهذا آخر ما يسره الله تعالى من «شرح الشاطبية» وأسأل الله جلت قدرته أن يخلع على هذا الكتاب ثوب القبول، وأن ينفع به أهل القرآن العظيم، في جميع الأمصار والأعصار، وأن يقيني به مصارع السوء، ويؤامنني به من كلّ ما أخاف وأحذر، وأن يهب لي به خاتمة الخير ويتجاوز عن فرطاتي ويعفو عن زلاتي، وأن يحلني به دار المقامة من فضله، بواسع طوله، وسابغ نوله، إنه سبحانه الجواد الكريم، الرءوف الرحيم.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.