عليها أي يكون بمنزلة هذه الناقة في تحمل ما يراه من زلل أو خطأ، ويتلمس لناظمها المعاذير ويعلم أن كل إنسان مهما أوتي من نباهة شأن وعلوّ قدر فهو عرضة للهفوات والعثرات.
74 - أقول لحرّ والمروءة مرؤها ... لإخوته المرآة ذ النّور مكحلا
اللغة: (الحر) هو الذي لم يسترقه هواه، ولم تستعبده مباهج الحياة. و (المروءة): كمال المرء بالأخلاق الفاضلة. و (مرؤها): رجل المروءة وصاحبها. والأخوة: جمع أخ من النسب وقد يراد به الأخ في الدين كما هنا. و (المكحل): هو الميل الذي يكتحل به. والمروءة:
مبتدأ أول (مرؤ): مبتدأ ثان و (المرآة) خبره والجملة خبر الأول. و (لإخوته): متعلق بمضاف مقدر أي نفع مرئها لإخوته و (ذو النور) خبر بعد خبر و (مكحلا): تمييز.
والمعنى: أن رجل المروءة وصاحبها نفعه لإخوانه من المؤمنين كنفع المرآة لهم، فيدلهم على عيوبهم ليعملوا على تلافيها كما تدل المرآة الناظر فيها على عيوبه. وهو ذو النور؛ أي
الإيمان يشفى من الداء بنوره كما تشفى العين المريضة بما يفعله المكحل فيها، وفي البيت إشارة لقوله صلّى الله عليه وسلم: «المؤمن مرآة أخيه المؤمن» [أخرجه أبو داود].
75 - أخي أيّها المجتاز نظمي ببابه ... ينادي عليه كاسد السّوق أجملا
76 - وظنّ به خيرا وسامح نسيجه ... بالاغضاء والحسنى وإن كان هلهلا
77 - وسلّم لإحدى الحسنيين إصابة ... والاخرى اجتهاد رام صوبا فأمحلا
78 - وإن كان خرق فادّركه بفضلة ... من الحلم وليصلحه من جاد مقولا
اللغة: (المجتاز): مفتعل مأخوذ من الجواز بمعنى العبور. (ينادي عليه): يعرض للبيع، و (الكساد): ضد الرواج. (أجملا) ايت بالقول الجميل. و (النسيج): فعيل بمعنى المفعول أي المنسوج. و (الإغضاء) الإغماض على العيب وتجاهل وجوده. (الهلهل):
الثوب الخفيف الضعيف النسج، (والإصابة): الوصول للصواب. و (الاجتهاد): بذل الجهد في إدراك الصواب، و (الصوب): نزول المطر. و (أمحل): دخل في المحل وهو انقطاع المطر ويبس الأرض