ثيابًا جدداً لبدنه فَقَالَ هَذَا لبدني ورأسي حافي فَأمر لَهُ بعمامة فَلَزِمَهُ ذَلِك وَمن شعره أنشدنيه من لَفظه الشَّيْخ أثير الدّين
(ومعتقد أَن الرياسة فِي الْكبر ... فَأصْبح ممقوتاً بهَا وَهُوَ لَا يدْرِي)
(يجر ذيول الْكبر طَالب رفْعَة ... أَلا فاعجبوا من طَالب الرّفْع بِالْجَرِّ)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(يَا مُنْكرا من بخل أهل الثغر مَا ... عرف الورى أنْكرت مَالا يُنكر)
(أقصر فقد صحت نتانة أَهله ... وَمن الثغور كَمَا علمت الأبخر)
قَالَ الشَّيْخ أثير الدّين وَلَا أعلمهُ صنف شَيْئا قلت وَهُوَ أحد النُّحَاة الثَّلَاثَة المحمدين فِي عصر وَاحِد هُوَ فِي الاسكندرية وَابْن النّحاس فِي مصر وَابْن مَالك فِي دمشق وَقد مر ذكرهمَا وَمن شعر الشَّيْخ محيي الدّين حافي رَأسه
(ومعلمي الصَّبْر الْجَمِيل بهجره ... فَثنى فؤاداً عَنهُ لم يَك ينثني)
(لَا بُد من أجر لكل معلم ... وَإِلَى السلو ثَوَاب مَا علمتني)
وَكتب إِلَى الْأَمِير نور الدّين على بن مَسْعُود الصوابى)
(شَكَوْت إِلَيْك نور الدّين حَالي ... وحسبي أَن أرى وَجه الصَّوَاب)
(وكتبي بعتها ورهنت حَتَّى ... بقيت من الْمَجُوس بِلَا كتاب)
فتح الدّين ابْن عبد الظَّاهِر مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الظَّاهِر ابْن نشوان بن عبد الظَّاهِر القَاضِي فتح الدّين ابْن القَاضِي محيي الدّين الجذامي الروحي الْمصْرِيّ صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء ومؤتمن المملكة بالديار المصرية مولده بِالْقَاهِرَةِ سنة ثَمَان وثلثين وست ماية سمع من ابْن الجميزي وَغَيره وَحدث وساد فِي الدولة المنصورية بعقله ورأيه وهمته وَتقدم على وَالِده القَاضِي محيي الدّين وَهُوَ مَا هُوَ فِي فن الْإِنْشَاء وَكِتَابَة الترسل فَكَانَ وَالِده من جملَة الْجَمَاعَة الَّذين يصرفهم أمره وَنَهْيه وَكَانَ السُّلْطَان يعْتَمد عَلَيْهِ ويثق بِهِ وَتُوفِّي فِي حَيَاة وَالِده وفجع بِهِ سنة إِحْدَى وَتِسْعين وست ماية بقلعة دمشق وَدفن بسفح قاسيون وَلم يكن وفجع بِهِ سنة إِحْدَى وَتِسْعين وست ماية بقلعة دمشق وَدفن بسفح قاسيون وَلم يكن فِي صناعَة الانشاء مجيداً وَلَا مكثراً وَلم أسمع لَهُ غير بَيْتَيْنِ رثى بهما حسام الدّين طرنطاي وضمنهما بَيْتا وَنصفا وهما
(أَلا رحم الله الحسام فَإِنَّهُ ... أَصمّ بِهِ الناعي وَإِن كَانَ أسمعا)
(وَمَا كَانَ إِلَّا السَّيْف لَاقَى ضريبة ... وقطعها ثمَّ انثنى فتقطعا)
وَلكنه يدل على ذوق وذكاء ودبر الدِّيوَان وَنفذ مهماته وباشره أحسن مُبَاشرَة لما توزر فَخر الدّين ابْن لُقْمَان قَالَ لَهُ الْملك الْمَنْصُور من يكون عوضك فَقَالَ فتح الدّين ابْن عبد الظَّاهِر فَتمكن فتح الدّين من السُّلْطَان وحظي عِنْده إِلَى أَن دخل فَخر الدّين يَوْمًا على السُّلْطَان فَأعْطَاهُ كتابا يقرأه فَلَمَّا دخل فتح الدّين أَخذ الْكتاب مِنْهُ وَأَعْطَاهُ لفتح الدّين وَقَالَ لفخر الدّين تَأَخّر وَلما بَطل فَخر الدّين من الوزارة وَعَاد إِلَى ديوَان الْإِنْشَاء تأدب مَعَه وَلما ولي الوزارة