وتعامى وَهُوَ بَصِير وتَطاول وَهُوَ قصيرٌ وتَصامَم وَهُوَ سميع وتعاصَى وَهُوَ مُطِيع ومِثل مولايَ من عرف وكَره وَلم يعْمل فِيهِ فكرَه والأمرُ لَهُ أَعلَى أمره وَأطَال للأولياء عُمره وَقَالَ فِي جَمِيع السِواك

(أيا سيّداً مَا رام جَدواه طالبٌ ... فَعَاد وَلم يظفَر بأقصَى مَطالِبه)

(أبِن لي عَن الْجمع الَّذِي إِن ذكرتَه ... تخاطِب من خاطبتَه بمَعايِبه)

وَكتب إِلَى ركن الدّين قرطاي بِبَغْدَاد وَهُوَ سَاكن عِنْد نهر عِيسَى

(أمولايَ إِنِّي مذ رأيتُك سَاكِنا ... على نهر عِيسَى لم أزل دَائِم الفِكرِ)

(لِأَنَّك بحرٌ بالمكارم زَاخرٌ ... وَمن عَجَبٍ أَن يسكنَ البحرُ فِي النَّهر)

وَقَالَ

(ومليحٍ جاءَنا يشطَح فِي صدرِ نهارِ ... وَهُوَ فِي مبدأ شكرٍ وعقابيل خُمار)

(فسقيناهُ إِلَى أَن أظلم اللَّيْل لسارِ ... ثمَّ لما نَام قمنا وركِبنا فِي عُشاري)

(وجذبنا فِي لبانٍ ودفعنا بمداري ... فصَبحناه بِكاسٍ وغَبقناه بِعَارٍ)

)

وَكتب عَن النَّاصِر دَاوُد إِلَى الصَّالح نجم الدّين فَمَا سمعُوا نِدَاء الرُقبا وَلَا منعُوا حمى الوَقبى وَلَا قابلوا سِهَام القسيّ بوكورٍ من نحورهم وَلَا عاملوا ثعالب صُدُور الرماح بوِجار من صُدُورهمْ بل اتَّخذُوا الليلَ لِسُراهم حملا وَعمِلُوا الفرارَ لنفوسهم على رؤوسهم جَبَلاَ وسلكوا من وُعور الفجاج بفرارهم قبل مُخَالطَة العَجاج سُبُلاً فتحكمت يدُ الْقَتْل والأسر فِي إبِْطَال أطلابهم واستولت غَلَبَةُ النهب وَالسَّلب على أثقالهم وأسلابهم وتقسموا بَين هَزيم وأسير وجريح وقتيل وانتُصِف مِنْهُم وانتًصر عَلَيْهِم وَلمن انتصَرَ بَعدَ ظُلمِه فَأُولَئِك مَا عَلَيهُم مِن سَبِيلٍ وأسِرَ من معارفهم الْمَذْكُورَة ووجوههم الْمَشْهُورَة فلَان وَفُلَان وَأما النِكراتُ الَّتِي لَا يدخُل عَلَيْهَا التَّعْرِيف والأدنِياء الَّتِي لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِم التشريف فجمعٌ يكثر عدده وبحرٌ يغزُر مَدده وَلم يَنجُ مِنْهُم إِلَّا من كَانَ فِي عَنان فرسه تقديمٌ وَفِي كتاب أَجله تَأْخِير وَلَا سلم مِنْهُم الا من كَانَ فِي هربه تَطْوِيل وَفِي طلبه تَقْصِير خُصُوصا مقدمهم فَإِنَّهُ سَار سيرة الْحَارِث بن هِشَام وَطلب النجَاة لنَفسِهِ فنجا بِرَأْس طِمِرَّةٍ ولِجامٍ وصيّره النَّاصِر جندياً فَقَالَ كنتُ كَاتبا جيدا فصرت جندياً رديئاً وَمن مَغايظ الدَّهْر أنيّ أفنيتُ عمري فِي الْكِتَابَة فصرتُ إِلَى الجندية وَلَا أعرف مِنْهَا شَيْئا ونظم فِي ذَلِك

(أَلَيْسَ من المغايظ أَن مثلي ... يُقضي العُمر فِي فنّ الكتابهْ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015