وَكتب هُوَ إليَّ وَأَنا بِدِمَشْق وَهُوَ بصفد وَقد ظنَّ أنِّي لمَّا كنت بِالْقَاهِرَةِ تمالأتُ عَلَيْهِ وَعلم الله كافٍ
(إِن كَانَ ظنُّكَ أنَّني لَك ظالمُ ... فارْحمْ لِأَن تُسْمَى بأنَّك راحمُ)
(حَسْبُ الْمُسِيء من الْقصاص بأَنَّه ... جرحٌ بجرحٍ والسعيد مسالمُ)
(كم قد حرصتُ على التَّنصُّلِ عِنْدَمَا ... وَقع العتابُ فَمَا أقالَ الحاكمُ)
(الله يعلم أنَّني لَك عاذرٌ ... وَالله منِّي بِالْبَرَاءَةِ عالمُ)
(هَا قد جرى لي مَا جرى لَك قبلهَا ... ووقعتُ فِي صفدٍ وأنفي راغمُ)
(إِن صحَّ لي فِيهَا عَلَيْك جنايةٌ ... فجزاؤها هَذَا العقابُ اللازمُ)
(فاقنعْ بِهِ وَاذْكُر قديمَ مودَّتي ... فالعهدُ فِيمَا بَيْننَا متقادِمُ)
(أَوَلَم يكنْ ذنبٌ وحالي مَا ترى ... فامدُدْ إليَّ يدا وجاهُك قائمُ)
(فَلَقَد تأتَّى مَا تُرِيدُ فوالِني ... مِنْك الجميلَ فأنَّه لَك دائمُ)
(جارَ الزمانُ على وليِّك واعتدى ... وَإِلَيْك للزمن الألدِّ يخاصِمُ)
(من كَانَ لَيْسَ بنادمٍ مُستدرِكٍ ... فَأَنا عَلَيْك إِلَى مماتي نادمُ)
(كانتْ هناةٌ وانقضتْ ومَنِ الَّذِي ... منَّا وَلَيْسَ لَهُ تُعَدُّ جرائمُ)
(إنَّ الَّذِي قَسَمَ الحظوظَ كَمَا يشا ... للرزقِ مَا بَين البرايا قاسمُ)
(قُلٌّ وكثرٌ وَلَيْسَ تبقى حالةٌ ... والدهر بَين النَّاس بانٍ هادمُ)
(يَا من لَهُ أخلصتُ كنْ لي مخلصاً ... فعلى مُجازينا كِلَانَا قادمُ)
)
(أعلنتُ بالشكوى لضُرٍّ مَسَّني ... لكنَّ وُدِّي فِي الْحَقِيقَة سالمُ)
(وَلَك السِّيَادَة حليةٌ ومكارمُ ... الأخلاقِ مِنْهَا فِي يَديك خواتمُ)
(فاقبلْ أخوَّتيَ الجديدةَ إنَّني ... فِيهَا لمجدك أَو لودِّك خادمُ)
(وَإِلَى الرِّضى عُدْ بِي وللحُسنى أَعِدْ ... حتَّى تقومَ على الصفاءِ علائمُ)
(والبَسْ رياستك السّنيَّة حُلَّة ... أبدا لَهَا من نسج سعدك راقمُ)
(واجعلْ لَهَا شكرا إقالةَ عثرةٍ ... من صاحبٍ قد صَدَّ عَنهُ العالمُ)
(أنتَ الخليلُ بل الخليُّ من الهَوَى ... وأخوَّتي قد جرَّها لَك آدمُ)
(فأَعِنْ أَخَاك بِحسن سعيك مرَّةً ... إنَّ المغارِمَ فِي الإخاء مغانمُ)